bars.working_time: bars.from_to

الخيانة الزوجية بين برود الاستياء وانهيار البيت العاطفي

الخيانة الزوجية: بين برود الاستياء وانهيار البيت العاطفي

قراءة في رؤى جون جراي وجون جوتمان، مع حالتين واقعيّتين

الخيانة الزوجية، سواء كانت فعلية أو إلكترونية، لا تحدث فجأة. إنها نتيجة تراكمات صامتة، وانقطاع في التواصل، وتآكل في الرابط العاطفي بين الزوجين. إنها لا تبدأ بالخيانة، بل تنتهي بها. هذا ما يوضحه كل من جون جراي وجون جوتمان، وهما من أبرز من تناولوا العلاقات الزوجية من منظور نفسي وعاطفي.




أولًا: الخيانة من منظور جون جراي

● برود الاستياء... أول الطريق إلى الخيانة

جون جراي يرى أن الرجل والمرأة يعبران عن احتياجاتهما بطرق مختلفة. وعندما لا تُلبى هذه الاحتياجات، يتكوّن داخل كل منهما برود عاطفي واستياء متراكم.

الرجل الذي لا يشعر بالتقدير يبدأ في الانسحاب أو البحث عن من يقدّره.

والمرأة التي لا تشعر بالاهتمام تنطوي على نفسها ثم تنفصل عاطفيًا.

🔹 حالة رجل (خالد، 42 عامًا):

يعمل خالد لساعات طويلة ويعود إلى منزل يشعر فيه بأنه غير مرئي. زوجته منشغلة، ناقدة، لا تمنحه أي شعور بالامتنان أو الاحتواء.

وجد في دردشة خفيفة مع زميلته نوعًا من الراحة، ثم تطور الأمر إلى تواصل يومي، ثم علاقة عاطفية كاملة.

في داخله، لم يكن ينوي الخيانة. كان فقط يبحث عن من يشعره بأنه يُقدَّر.

● الخروج من العلاقة بالخيانة

بحسب جراي، بعض الأزواج لا يغادرون العلاقة بالكلمات، بل يغادرون بالفعل بالصمت أو بالخيانة.

الخيانة هنا لا تكون هدفًا، بل وسيلة للهروب من علاقة فقدت معناها ودفئها.

● الخيانة الإلكترونية: الإشباع السهل

يعتبر جراي أن التكنولوجيا سهّلت الخيانة دون أن تبدو "خيانة".

رسائل، إعجابات، محادثات عاطفية… كلها توفر إشباعًا فوريًا وبديلًا زائفًا للعلاقة الأساسية، لكنها تبني جدارًا بين الشريكين يومًا بعد يوم.




ثانيًا: الخيانة من منظور جون جوتمان

● غياب بناء البيت العاطفي السليم

جوتمان يشبّه العلاقة الزوجية بمنزل يحتاج إلى أعمدة: الثقة، التقدير، الدعم، الحوار، والمشاركة.

وعندما لا تُبنى هذه الأعمدة، يتهاوى البيت مهما بدا من الخارج مستقرًا.

🔹 حالة امرأة (ندى، 35 عامًا):

ندى شعرت بالوحدة داخل زواجها. زوجها منشغل ومتحفظ، لا يشاركها مشاعرها، ولا يراها.

مع الوقت، انجذبت لأحد معارفها القدامى عبر إنستغرام. كانت البداية بريئة، ثم تطورت إلى مشاعر، ثم إلى علاقة حقيقية خارج الزواج.

لم تكن تبحث عن الخيانة، بل عن شخص يشعرها بأنها موجودة ومهمة.

● الخيانة الإلكترونية: خيانة صامتة

يُعرّف جوتمان هذه الحالة بـ"الخيانة الصغيرة" – رسائل حميمة، تفاعل خارج حدود العلاقة، أو حتى التلميح بمشاعر.

لكنها رغم صمتها، تهز ثقة العلاقة وتزرع شعورًا بالخيانة حتى قبل أن تصبح فعلية.




● أعراض الخلل الظاهرة على سطح العلاقة:

قبل أن تقع الخيانة، هناك إشارات تظهر غالبًا بوضوح، لكنها لا تؤخذ على محمل الجد:

غياب التقدير أو الاهتمام المتبادل.

الشكوى الدائمة بدل الامتنان.

صمت ثقيل بدل الحوار.

استخدام مفرط للهاتف أو الحاسوب مع سرية.

تراجع الرغبة في قضاء الوقت معًا.

انسحاب عاطفي واضح من أحد الطرفين.

تغييرات غير مبررة في المظهر أو المزاج.



كل واحدة من هذه الأعراض جرس إنذار، لا يجب تجاهله.




خلاصة:

في النهاية، الخيانة ليست بداية الانهيار، بل نهايته.

في رأي جراي، تبدأ الخيانة بـ برود الاستياء وتنتهي بهروب صامت من العلاقة.

أما جوتمان، فيراها نتيجة بيت عاطفي لم يُبنَ أو انهار دون صيانة.

وفي الحالتين، الإصلاح لا يبدأ بالتحقيق أو المراقبة، بل يبدأ بـ:

الإنصات الصادق.

إعادة بناء الاحترام المتبادل.

فتح حوار حقيقي لا دفاعي.

الاستثمار في العلاقة من جديد.



العلاقة الناجحة لا تعني غياب المشكلات، بل القدرة على مواجهتها بصدق قبل أن تقود إلى الخيانة.



Post Comment